الإضاءة الشهرية

راجح السلفيتي… شيخ الزجّالين الفلسطينيين

 وسطَ حلقةٍ من النساء في حوشِ الحارةِ، يقفُ راجح السَّلفيتي ويردِّد الأغاني والأهازيج، وحدقاتُ والدتِهِ تتَّسعُ فخرًا كلّما أثنت النساء من حولها على صوتِ ابنها البكر.

قُدِّر للسلفيتي أن ينشأ في أسرةٍ فلسطينيةٍ فقيرةٍ، وأن يفقد والدَيه في سنٍّ صغيرةٍ ويعيل إخوته الستّة، فحزم صوتَه الجميل وفكاهةَ روحهِ وحسنَ حضورهِ، وصار يغنّي في عمله، وفي أعراسِ بلدتهِ والقرى المحيطة، بعد أن كان صبيًا يردِّد تهاليلَ والدته، ويغنّي متوسّطًا الحلقاتِ في الحارة.

نما راجح الزجّال تمامًا كنموّ غرسةِ الزيتون على أحد أطرافِ واديَي المطوي والشاعر، حتّى صار زجّالَ البلدةِ الأوَّل، ومضربَ مَثَلِ أهلِها القائل: “العرس ما بِعمر في سلفيت إذا مكنش راجح فيه”، ليصبحَ بعدها شيخَ زجّالي فلسطين، وظلّت سلفيت وهمومُها تلهمُه، وتسكنُ فيه، وقال فيها:

مين كان بهموم الناس شاعر    إذا ترجم شعوره صار شاعر

يا جنّة بين مطـوي وشاعـــر    مـا ببدّلـها بجنّـات السـمـا

تأسّس وعيُ السَّلفيتي في الشعر من الحوادثِ الدائرةِ في فلسطين، فتأثّر إنتاجه بها، ومن هذه الأحداثِ كانت ثورةُ البراقِ وحادثةُ إعدامِ الشبّان الثلاثةِ عام 1929 (محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي)، بالإضافة إلى تأثّره بنوح إبراهيم وإبراهيم طوقان، وغيرهم من شعراءِ تلك الفترة.

بالرغم من صغر سنّهِ، إلى جانبِ المسؤوليّاتِ الجسامِ المُلقاةِ على عاتقه، إلّا أنّه شاركَ في الثورة الفلسطينيّةِ الكبرى عام 1936 والتحقَ بصفوفها، وغنّى لها وعنها. كما وتطوَّع إبّانَ النكبةِ في الحربِ والقتال، حتى أُصيبَ إصابةً بالغةً، أدّت إلى استقرارِ رصاصةٍ بالقربِ من رئتَيه، وتسبّبت له فيما بعد بأمراضٍ رئويّةٍ مزمنة.

وما إن أصبحت النكبة واقعًا يعيشه الفلسطينيّون، ومع بروز التنظيماتِ القوميّةِ والشيوعيّةِ في فلسطين، انخرطَ السَّلفيتي في عصبةِ التحرّر، وكان أحد مناضليها ورموزها، الأمر الذي تسبَّب في ملاحقتِهِ ومطاردتِهِ وسجنِهِ، خاصّةً وأنَّه كان أحد الذين عارضوا حلفَ بغداد، وكتب يهجوه في عددٍ من القصائد.

تسلَّل السَّلفيتي في خمسينيّات القرنِ العشرين إلى دمشقَ وبغدادَ، ومن ثمَّ إلى تشيكوسلوفاكيا، تاركًا خلفه سلفيت وفلسطين، ليعودَ إليهما في أوائل الستينيّات، ثمّ يُلاحَق مرةً أخرى ويغادرهما إلى سوريا مجدّدًا، ليعودَ إليهما بحلول النكسةِ في عام 1967، ولم يغادرهما بعدها.

في ظلّ كلِّ هذا كتب السلفيتي عن الهزيمةِ والنكسةِ والاستيطانِ:

ستظل يا يوم النحس شاهد حقير    عسياسة الإفناء وخطة التهجير

حتى الثعالب مـارسـت فيك الزئير      لــما خـلـي الـمـيـدان لـحمـيـدان

عاش راجح السَّلفيتي حياةً مليئةً بالأحداثِ المختلفةِ، حيث اعتُقلِ أكثر من مرّةٍ، كان أوَّلها عام 1974، على خلفيّةِ نشاطِه الوطني، وكان آخرها في عام 1988. وكتبَ في السجن عدَّة قصائدَ زجليَّةٍ، منها ما كتبه في سجن نابلس المركزي، فتداولَهُ السجناءُ ونقلوه من سجنٍ إلى آخر، مثل قصائدِ “في ذكرى الكرامة” و”في نصر الشعب الكمبودي” و”إلى ولدي أحمد” و”في ذكرى حزيران المشؤوم”، وغيرها.

قرر السَّلفيتي عام 1976 خوضَ غِمار انتخابات المجلسِ البلدي في سلفيت، وشكَّل كتلةً شعبيَّةً وطنيَّةً مع رفيقه خميس الحمد وعددٍ من وجهاء البلدة، رفعت الشِّعارَ الموحَّدَ الذي رفعته باقي الكتلِ الوطنيَّةِ في فلسطين: “لا للإدارةِ المدنيَّةِ، ونعم للوحدةِ الوطنيَّة”، ومن أجل الكتلةِ غنّى راجحُ ما كتبه في اللّازمة:

يا جماهيرنا الشعبية    يا قوى العمالية      كتلتنا الوطنية     وغير الكتلة مالنا     غير الكتلة مالنا

كان لراجح السَّلفيتي حضورٌ في جامعة بيرزيت، التي شاركَ عدَّة مراتٍ في مهرجانها السنوي، وفي مختلفِ نشاطاتِها، وحضرت زجليّاتُه في أروقتِها، حيث غنّى فيها أكثر من مرّة. وعندما أُغلقت الجامعة غنّى السَّلفيتي وقال:

سكر على الجامعات وين الديمقراطية

سكر اليها الأبواب فتشردوا هالطلاب

دولة الها دبابات وأساطيل وطيارات

كيف بتخاف من رسومات على ورقة مهفية؟

(من تسجيل صوتي مؤرشف)

لا تكادُ تخلو دفاترُ الطالب، التي دوَّن فيها راجح السلفيتي بخطِّه وخطِّ ابنتِه ضحى، من قصيدةٍ تتغنّى بالحجارةِ والشهداءِ والانتفاضةِ ويومِ الأرض، حيثُ كتب عشراتِ القصائدِ والهتافاتِ، وغنّى في الأعراسِ للانتفاضة، فجلجلَ صوتُه عاليًا، حتى كسرت اللّازمةُ، التي ردَّدها الشبّان خلفه أمامَ التوتةِ العتيقةِ في ساحة بلدتِهِ، مِخرَزَ ضابطِ الإدارةِ المدنيَّة عندما حاصرهم وسطَ الساحة.

فقال يحاكي فرقة العاشقين:

اشهـد يا عالـم علينا وعالـقطـاع          اشـهد عالضفة الغربـية

مظاهرات خاضت غمرات الصراع          ضد جيوش الصهيونية   

ألقى راجح السَّلفيتي في أوائل عام 1988 واحدةً من أهمّ القصائدِ الشعبيّةِ التي نظّمها بعنوان “الكفّ اللّي بيكسر المخرز”، وانتشرت انتشارًا واسعًا، حيث لاقت قبولًا كبيرًا بين الفلسطينيّين، لبساطتها وقوَّة معانيها، وفيها قال:

يا صـوت جـلجل وأهل الهمم ناديها                ونفوس سدرت في غي العهر خليها

خبر المذابح دوى في مسمع الأقطار                يهز الضـمائر ليوقضـها يـصحـيـها

وفي نهايتها كتب:

مـن تـجربتنـا تعـلـمـنـا أمـور كـبـار                 إن الـتجـارب مـنـائـر نـهتدي بيها

أثبت الكف بوحدة الصف والإصرار                مش بس بيقدر يلاطع مخرز الغدار

           بكسر المخرز وبكسر عنق باريها

عاشَ السَّلفيتي تجربةً طويلةً ممزوجةً بالنِّضالِ والزجل، فحصد، عن جدارةٍ، لقبَ شيخِ الزجَّالين الفلسطينيّين، ودَوَّت كلماتُه وصدحت في العديدِ من منابرِ فلسطين، في الناصرة وحيفا ويافا وعكّا والقدس ورام الله ونابلس، حتى قال إميل حبيبي فيه: “رأيتُهم يحملونَ الحجرَ في يدٍ، وأزجالَ راجح السَّلفيتي في اليدِ الأخرى”.

لم تبرح الرصاصةُ التي لازمة السَّلفيتي أربعةَ عقودٍ، منذ عام 1948، تؤثِّر على صحّته، حيث مرضَ عام 1990 مرضًا شديدًا، حتى طالَ ليله عليه، فقال يصفهُ: “ما أطولك يا ليل على العيّان”، وهذه كانت من أواخر القصائدِ التي كتبها، وتوفّي بعدها بتاريخ 27 أيار 1990، فغابت حنجرتُهُ غيابَها الأبدي، وغادر السَّلفيتي أبناءه الأربعةَ: يسرى وضحى وعندليب وأحمد.

كان السَّلفيتي يتنقَّل بين المقاماتِ الزَّجليَّةِ الغنائيَّةِ كغزالٍ يتجوَّلُ في البريّةِ الفلسطينيّة، من سلسلةٍ إلى أخرى، فيغنّي ومعه عازفُ شبّابةٍ أو طبلةٍ لينتجا معًا لحنًا فلسطينيًّا خالصًا، ومن خلفهم تردّد أصواتُ شبابِ القريةِ الفلسطينيَّةِ لازمةَ الوحدةِ الوطنيَّةِ بحماسةٍ، تجعلُه يوقفهم ممازحًا: “اسمعوا، إذا بتظلّوا تنطّوا وتستعجلوا بتخربوا علينا السهرة يا عمّي، عالرايق، الحماس زيادة بيضرّ أكثر من البرودة”.

الإضاءة الشهرية

حياةٌ أخرى، ولكن على المسرح

نبذة عن مجموعة المسرحي والفنّان عادل الترتير

وطار الطير… الله يمسّي الحاضرين بالخير

عادل الترتير، رام الله، أواخر ستينيّات القرن العشرين

على يد الدّاية “إم جودة”، خرج الترتير إلى الحياة؛ إلى المسرح الأكبر، على أرض قرية رافات بين رام الله والقدس، في 14 آب 1951، منحدرًا من أسرةٍ تعود جذورها إلى مدينة اللّدّ. هُجّرت العائلة إبّان النّكبة، واستقرّت أسفل شجرة؛ وتحديدًا في “سقيفة” من الزينكو، وبعد نحو أربعين يومًا مرّت من حياته كان محمولًا على ظهر حمارٍ مُتّجهٍ إلى عين منجد في رام الله 

كبُرَ، وما كان للخيال إلّا أن يتّسع. في مضافة والده كان يجلس، محاطًا بالكبار، وفي دكّانه، حيث كانت المحاريث والسكك تُصنعُ للفلّاحين، وكما أيّ طفلٍ فضولي، كان يتحسّس الخشب ويرسم ما يرى، ويتقمّص أدوارًا لشخصيّاتٍ مختلفةٍ. هذه التجارب مُجتمعةً شكّلت بذرةً لأولى تجاربه المسرحيّة في “مسرح السقيفة”، هُنا، وعلى مقربةٍ من عائلته، شعر بشيءٍ من المسؤوليّة، ولم يكن يدري بأنّ شخصيّته العنيدة، وحسّه الفكاهي، وقدرته على التقليد بشكلٍ مُتقنٍ، سوف تجعله واحدًا من رُوّاد الحركة المسرحيّة في فلسطين منذ مطلع سبعينيّات القرن العشرين وحتّى يومنا هذا. ولعلّ هذه المجموعة الأرشيفيّة، بما تزخر به من مئات الصور وعشرات الوثائق؛ بدءًا بقصاصات المجلّات والصحف، وصولًا إلى المنشورات وتذاكر الدخول إلى المسرحيّات، خير دليلٍ على ذلك

كان الترتير ممّن لبّوا النداء بضرورة إيجاد بدائل تعبيريّةٍ للمشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة من خلال خشبة المسرح، وقد مكّنته روح العمل الجماعي، بمساعدة مجموعةٍ من الشبّان والشابّات في رام الله والقدس، من إنشاء أوّل فرقةٍ مسرحيّةٍ مستقلّةٍ عام 1970، أطلقوا عليها اسم “بلالين”، قدّمت أوّل عرضٍ لها في 22 كانون الثاني 1972 على خشبة مسرح المدرسة العُمريّة في القدس، وعنوانها “قطعة حياة”، شكّلت بدورها مصدر إلهامٍ لثمانية عروضٍ مسرحيةٍ أخرى عُرضت بين الأعوام 1972-1975، فكانت “العتمة” في 1972، و”نشرة أحوال الجو”  و”ثوب الإمبراطور” و”الكنز” و”شجرة الجوز ويونس الأعرج” في 1973، و”تَع تَخرفَك يا صاحبي” في 1974، و”عنتورة ولطّوف” و”تربايتك عمّي” في 1975

كُتيّب للتعريف بالفرق المسرحيّة – لجنة المسرح، 1980

ما انفكّ هذا المسرحي يحتفظ بكلّ قصاصةٍ ورقيّةٍ وصورةٍ ودفتر ملاحظاتٍ، مُرتّبةً ومُروّسةً بحسب التاريخ الذي نُشرت أو كُتبت فيه، كما ولم يتخلّ عن أيّ مادّةٍ صحفيّةٍ كُتبت مُشيدةً بأعماله أو منتقدةً لها، الأمر الذي جعله يتعلّم من أخطائه السابقة ويدفع بنفسه نحو التطوّر، الشيء الذي لم يختبره بمعزلٍ عن باقي زملائه في العمل المسرحي

تذكرة الدخول لمسرحيّة “قطعة حياة

عند زيارة مقرّ “مسرح صندوق العجب” في البلدة القديمة في رام الله، وفي هذا البيت القديم الذي رمّمه عادل الترتير على عاتقه الخاصّ، سنجد الأرشيف يحيط بنا من جميع الجهات؛ فعلى الحائط، مثلًا، علّق الترتير المُلصقات الدعائيّة والإعلانيّة الخاصّة بكلّ عرضٍ قدّمه، ناهيك عن الدُّمى الموزّعة في كلّ زاويةٍ من البيت، ولوحاته الخشبيّة التي نحتها بيده، وصورهِ التي توثّق سفره للمشاركة في محافل مسرحيّةٍ عربيّةٍ ودوليّةٍ عديدةٍ، بالإضافة إلى صناديق القصاصات الورقيّة، والأعداد المنوّعة من الصُّحف والمجلّات، مثل “الشعب” و”الفجر” و”القدس” و”الأيّام”، وغيرها من الإعلانات وتذاكر الدخول إلى المسرحيّات التي كانت تُباع مقابل سعرٍ رمزي تضمن من خلاله فرقتا “بلالين” و”صندوق العجب” الاستمرار وتوفير المعدّات والمستلزمات الفنيّة الضروريّة، من ملابس وديكور وأماكن للتدريب، من أجل تشجيع الجمهور على المشاركة، تمهيدًا لإنشاء علاقةٍ بين الفلسطينيّين ومسرحهم

مشهد من مسرحيّة “راس روس

بعد عام 1975، وتحديدًا بعد أفول نجم فرقة “بلالين”، وجد الشبّان أنفسهم في مواجهة نضج تفكيرهم تجاه المسرح، فما كان من الترتير ومن معه إلّا أن شكّلوا فرقةً مسرحيّةً جديدةً، أطلقوا عليها اسم فرقة “صندوق العجب”، وبذلك أرادوا العمل على إعطاء المسرح حقّه وتعميق الصلة بينه وبين الجمهور، من خلال احترافهم للمسرح والتفرّغ للعمل المسرحي. قدّمت فرقة مسرح “صندوق العجب” عددًا من الأعمال المسرحيّة، كان من بينها: “لمّا انجنّينا” في 1976، و”تغريبة سعيد بن فضل الله” في 1979، و”راس روس” في 1980، والتي كانت أوّل عمل مونودرامي قدّمه الترتير في تاريخ الحركة المسرحيّة الفلسطينيّة، بالإضافة إلى  مسرحيّات “الحقيقة” في 1982، و”الأعمى والأطرش” في 1986، و”القبّعة والنبي” في 1990، وهي ثاني عمل مونودرامي للترتير، وأخيرًا “حكايات أبو العجب” منذ العام 1993 ولغاية الآن

مقرّ مسرح صندوق العجب في رام الله

كان لعادل الترتير اهتمامٌ خاصٌّ بفكرة “مسرح الطفل”، الذي اعتبره نقلةً نوعيّةً في تاريخ المسرح المحلّي، وهذا ما يفسّر استمراره إلى يومنا هذا في عرض سلسلة “حكايات أبو العجب”، وهي سلسلةٌ طويلةٌ من القصص المتتالية، تدور أحداثها على لسان عادل الترتير، المُلقّب بالحكواتي “أبو العجب”، الذي يطوف بصندوقه في كلّ مكانٍ، ويحمل في جعبته الكثير من الحكايات التي يرويها ويُمثّلها عبر صندوق العجب، مُجسّدًا مسرحًا مُتنقّلًا يستعرض من خلاله جملةً من القصص الشعبيّة المأخوذة من التراث الإنساني والفلسطيني، إلّا أنّه يتصرّف، في بعض الحالات، بهذه القصص، ويجعلها قريبةً من الواقع المعيش، بحيث تصبح ملائمةً للكبار والصغار، ومُعبّرةً عن الماضي والحاضر، دون أن تنتهي حدوده عند هذه الحكايات، بل يتجاوزها سعيًا إلى بلورة جزءٍ منها بناءً على المواقف التي يتعرّض لها في حياته

وهاي حكايتي حكيتها، وعليكم رميتها

وطار الطير، وتضلّوا بخير


الإضاءة الشهرية

مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي
شهادات اللقاح: الأرشيف الحاضر

مما لا شك فيه أن الانتشار المفاجئ والمستشري لفيروس كورونا المستجد، منذ مطلع العام 2020، قد قلب العديد من الموازين وعكس كثيراً من التوقعات على أصعدة مختلفة. كما أن ضبابية المنطق المتعلق بإدارة الجائحة وتسارع تحولاتها وغيبية موعد نهايتها فتح الباب على مصراعيه أمام العديد من التساؤلات، وقد يكون التساؤل المتعلق بطبيعة الفيروس ونشأته، وذلك المختص بجدوى لقاحات فيروس كورونا، ومدى ارتباط ذلك كله بنظرية المؤامرة وبعدالة ونزاهة السياسات الحيوية المختلفة للدول والمؤسسات، أحد أكثر الأسئلة الأكثر إلحاحاً وتفاعلاً منذ بدء الجائحة. ذلك أن الجائحة لامست تفاصيل الحياة اليومية المختلفة واخترقت الحدود الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وساهمت في إعادة تشكيل البنى والهياكل الطبقية، كما أثرت على العديد من الممارسات والسلوكيات الإنسانية والمؤسسية، حتى صارت شهادات تلقي اللقاح، الصادرة عن جهات الاختصاص في كل دولة، مفتاحاً ضرورياً ومتطلباً مرتبطاً بالعديد من أنشطة وأساسيات الحياة، وباتت هذه الشهادة ضابطاً لحرية الحركة والتنقل والسفر والممارسة

ولما كان مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي ممسكاً، منذ إطلاقه، بزمام مسؤولية استرداد الحقائق التاريخية والمساهمة في إنتاج وصياغة روايات حول فلسطين وثقافتها ومجتمعها من خلال استعراض التجارب المعاشة واستحضار نماذج الحياة اليومية والعادات والتقاليد وأنماط السلوك الذاتية -أو ما يعرف بالتاريخ الاجتماعي القاعدي، تضيء هذه المدونة على نماذج مختلفة لشهادات اللقاحات وبطاقات التطعيم التي صدرت في فلسطين، أو لفلسطينيين عن جهات مختلفة، منذ الفترة العثمانية 

شهادة تطعيم عثمانية ضد أحد الأمراض السارية،
1911 مجموعة مركز يافا الثقافي 0347.02.0010

تتضمن هذه الوثيقة شهادة تطعيم ضد أحد الأمراض السارية، صادرة عام 1329 هجري، الموافق لسنة 1911 ميلادية، عن وزارة (نظارة) الداخلية وعن إدارة الأمور الطبية الملكية والصحية العمومية في فلسطين خلال فترة الحكم العثماني. يذكر أن وباء الكوليرا كان قد اجتاح المنطقة في تلك الفترة وتسبب بخسائر جسيمة في الأرواح

1949 شهادة تلقيح لفريد عازر صادرة عن مفوضية اللجنة الدولية للصليب الأحمر – نابلس
مجموعة غسان عبد الله 0156.01.0112

توثق هذه المادة الأرشيفية شهادة تلقيح، صادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نابلس، باسم فريد يوسف عازر، حيث ذكرت الشهادة أن عازر قادم من حيفا ويحمل بطاقة لاجئ رقم 19011، وأنه أخذ لقاحي الجدري والتيفوئيد بتاريخ 21 أيلول 1949

مجموعة عبد الله عفانة 0037.01.0099
شهادة دولية للتطعيم ضد الجدري لعبد الله عفانة، 1953

شهادة دولية للتطعيم ضد الجدري صادرة بتاريخ 25 آب 1953 لعبد الله عبد القادر عفانة، عن دائرة الصحة في نابلس، تفيد بتلقيه جرعة لقاح الجدري بتاريخ 17 آب 1953، وقد دمغت الشهادة بطوابع جمعية الهلال الأحمر الأردني وطوابع واردات المملكة الأردنية الهاشمية، واشتملت على ملاحظة أنها صالحة لمدة 3 سنوات

مجموعة عمر القاسم 0004.06.0108
شهادة تطعيم ضد الجدري لعمر القاسم، 1962

شهادة تطعيم ضد الجدري صادرة عن وزارة الصحة في المملكة الأردنية تفيد أن الشهيد عمر القاسم، المقيم في حارة الشرف بالقدس، قد تلقى لقاحاً ضد مرض الجدري بتاريخ 27 أيار 1962 وعمره آنذاك 21 سنة، وقد ذيلت الشهادة بملاحظة مطبوعة أنها شهادة محلية -غير سارية المفعول للسفر خارج المملكة

0273.02.0072 مجموعة جواد حواري
1966 شهادة دولية للتطعيم ضد الكوليرا لجمال حواري،

شهادة دولية للتطعيم ضد الكوليرا صادرة لجمال عبد العزيز ياسين حواري، عن دائرة الصحة في نابلس، تفيد بتلقيه جرعتي لقاح الكوليرا تباعاً بتاريخ 24 و31 آب 1966، وقد دمغت الشهادة بطوابع واردات المملكة الأردنية الهاشمية، واشتملت على ملاحظة أنها صالحة لمدة 6 أشهر

0317.02.0063 ،مجموعة نخلة القرع
شهادة لقاحات دولية لخميس القرع، 1969

شهادة لقاحات دولية ضد مجموعة من الأمراض السارية والمعدية، من بينها الجدري والحمى الصفراء والكوليرا، صادرة عن الخطوط الجوية الملكية الهولندية، وفق لوائح منظمة الصحة العالمية، لخميس نخلة القرع المقيم في رام الله، وتفيد بتلقيه لقاح الجدري في دائرة الصحة المركزية برام الله، وذلك بتاريخ 16 تشرين الأول 1969 وهو بعمر 23 عاماً

مجموعة ضياء مسيف 0327.02.0007
شهادة لقاح دولية ضد الكوليرا والحمى الصفراء لجمال مسيف، 1970

شهادة لقاح دولية ضد كل من الكوليرا والحمى الصفراء، مطبوعة باللغتين الإنجليزية والفرنسية ومعبأة باللغة العربية، تفيد بتلقي جمال حسن مسيف، البالغ من العمر 32 عاماً، جرعة كاملة من لقاحي الكوليرا والحمى الصفراء بتاريخ 19 آب 1970، وقد تم ختم الشهادة بختم دائرة الصحة في أريحا

0274.02.0085 مجموعة عبد الحميد الحواري
بطاقة تطعيم لجهاد محمد الحواري، 1970

 بطاقة تطعيم ضد مجموعة من الأمراض السارية والمعدية، بينها الجدري وشلل الأطفال والحصبة، صادرة عام 1970، عن مديرية صحة محافظة نابلس ولواء جنين، لجهاد عباس ياسين محمد الحواري المولود في سبسطية قضاء نابلس بتاريخ 1 كانون الأول 1969

0273.02.0073 مجموعة جواد حواري
شهادات تطعيم دولية لفاطمة حواري، 1972

شهادات تطعيم دولية ضد مجموعة من الأمراض السارية والمعدية، صادرة عن الهيئة الصحية العالمية، لفاطمة رفيق حواري، وتفيد بتلقيها لقاح الجدري ولقاح الكوليرا، وذلك بتاريخ 10 كانون الأول 1972

0087.03.1056 مجموعة جمعية المشروع الإنشائي العربي
شهادة لقاحات دولية لموسى العلمي، 1978

شهادة لقاحات دولية ضد مجموعة من الأمراض السارية والمعدية، من بينها الجدري والحمى الصفراء والكوليرا، صادرة لموسى العلمي عن الخطوط الجوية الألمانية (لوفتهانزا)، وفق لوائح منظمة الصحة العالمية، وتفيد بتلقيه لقاح الجدري في مستشفى فلسطين، وذلك بتاريخ 1 حزيران 1978

الإضاءة الشهرية

مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي
دفاتر السجن وأرشيف الحركة في الأرشيف

مما لا شك فيه أن واقع عدم احترام ثقافة الشعوب المستعمَرَة من قبل المستعمِرين واستبعاد ذاكرتها الأصلانية من سياق الكتابة التاريخية، قد ألقى بظلاله على النواحي العلمية المتعددة وسبب شرخاً أخلاقيا بين سلطة الهيمنة الاجتماعية والإنتاج المعرفي، وساهم في دفع القوى الاستعمارية المختلفة إلى الهيمنة على أرشيفات البلدان المستعمَرَة ونهبها واستلاب تاريخها في إطار المحو الممنهج لكل تفاصيل الذاكرة وترسيخ السيطرة الاستعمارية وطمس الهوية والرواية التاريخية للسكان الأصلانيين. ويولي أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي عناية خاصة لمجمل شهادات وأصوات الناس الغائبة أو المغيبة من السرد التاريخي التقليدي الاستعماري والسلطوي والنخبوي، باعتبارها محوراً هاماً من محاور السردية الفلسطينية الموازية التي تثبت وتعزز حضور الذوات الأصلانية دون انتقائية أو تمويه أو تعمية

وفي هذا الإطار، تضيء المدونة على تجربة الحركة الأسيرة الفلسطينية من خلال تجليات حضورها في الأرشيف، ذلك أنها أحد أبرز مكونات الرواية التاريخية الاستيعادية ومضامينها التحررية، خارج سياقات الظلم المعرفي والإكراه النظري وتجسيداتها المتعددة التي تفرضها منظومة الاعتقال الجسدي والإرهاب الفكري. وتتمادى السلطة الاستعمارية في تضييق الخناق على الأسرى الفلسطينيين داخل سجونها بحرمانهم من التقاء ذويهم ومنعهم من التقاط الصور التذكارية معهم، لكن الأسرى انتزعوا هذا الحق بعد خوض معركة الإضراب المفتوح، في منتصف التسعينيات، حيث سمح للأسير بالتقاط صورة مع والديه مرة كل خمس سنوات في حال كانت أعمارهم فوق الخمسين. يذكر أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية أصدرت في العام 2019 قراراً بحجب هذا الحق، استجابة لضغوط عدد من المنظمات الصهيونية، إثر نشر صورة للأسير عمر العبد المتهم بقتل ثلاثة مستوطنين وهو مبتسم خلال زيارة والدته له، حيث تم حصر التقاط الصور من قبل مصور مصلحة السجون مع أقرباء يعانون أمراضاً خطيرة، على أن يدفع الأسير مقابل تلك الصور التي تم أيضاً حظر إخراجها من السجن

زكريا الزبيدي وياسر عرفات في جنين، 2002
مجموعة جوس داري

صورة تجمع زكريا الزبيدي وياسر عرفات، عام 2002، داخل مقر بلدية مدينة جنين خلال الزيارة الأولى التي قام بها عرفات إلى المدينة بعد انتهاء الحصار الإسرائيلي الذي كان مفروضاً على مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله “المقاطعة”

قصاصات من جريدة الشعب حول اعتقال بسام الشكعة ومحاكمته وإضرابه عن الطعام، 1979
مجموعة بسام شكعة

توثق هذه المادة الأرشيفية ورقة ملصقاً عليها ثلاث قصاصات من جريدة الشعب، اثنتان منهما بتاريخ 21 تشرين ثاني 1979 تطرقت إحداهما إلى مواصلة رئيس بلدية نابلس الأسبق، بسام الشكعة، لإضرابه عن الطعام في سجن الرملة، فيما أشارت الثانية إلى قيام الجيش الإسرائيلي بفرض قيود على تحركات رؤساء البلديات المستقيلين، أما القصاصة الثالثة المؤرخة في 29 تشرين ثاني 1979فقد تضمنت عنواناً يشير إلى موعد البدء بمحاكمة الشكعة

الأسرى عبد العليم دعنا وربحي حداد وبدران جابر أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية، 1989
مجموعة عبد العليم دعنا

ثلاثة قياديين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هم عبد العليم دعنا، على اليمين، وبدران جابر، يساراً، ويظهر خلفهما ربحي حداد في وسط الصورة، فيما يسير خلفهم جنديان إسرائيليان أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية خلال إحدى جلسات محاكمتهم عام 1989

رسالة من الأسير نائل البرغوثي إلى “أم عاصف” زوجة شقيقه عمر، 1998
مجموعة عمر ونائل البرغوثي

بطاقة مزينة تضمنت رسالة تهنئة بالعيد مكتوبة بخط يد الأسير نائل البرغوثي، أرسلها إلى “أم عاصف” زوجة شقيقه عمر وأبنائها بتاريخ 4 نيسان 1998 الموافق 7 ذي الحجة 1418 هجرية، بينما كان معتقلاً في الغرفة 9 في القسم 2 في سجن عسقلان

الأسيران الشقيقان عمر ونائل البرغوثي في سجن عسقلان، 2004
مجموعة عمر ونائل البرغوثي

صورة تجمع الأسيرين الشقيقين، عمر ونائل البرغوثي من قرية كوبر قضاء رام الله، خلال اعتقالهما في سجن عسقلان عام 2004، حيث اشتركا مع فخري البرغوثي في تشكيل خلية عسكرية وتم اعتقالهم عام 1978 بعد تنفيذهم لعملية قتل جندي إسرائيلي، وقد أفرج عن عمر ضمن صفقة تبادل الأسرى التي نفذتها الجبهة الشعبية القيادة العامة عام 1985، وأعيد اعتقاله بعدها أكثر من مرة. أما نائل فقد خرج من السجن عام 2011، في صفقة تبادل الأسرى التي عرفت باسم صفقة “شاليط”، ليعاد اعتقاله مرة أخرى عام 2014

1998 ،قصاصة من جريدة القدس توثق اقتياد أسرى فلسطينيين إلى قاعة المحكمة
مجموعة عمر ونائل البرغوثي

1998 قصاصة من عدد جريدة القدس الصادر يوم الأربعاء 16 أيلول 1998 الموافق 25 جمادى الأولى 1418 هجرية، والتي توثق قيام الجنود الإسرائيليين باقتياد أسرى فلسطينيين، من أعضاء مجموعة أبو موسى المنشقة عن حركة فتح، إلى قاعة المحكمة في بيت إيل، وكان أعضاء المجموعة اعتقلوا في الخليل خلال شهر تموز من العام نفسه بتهمة تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين

الأسيران مروان البرغوثي وأحمد سعدات في سجن هداريم
مجموعة مروان البرغوثي

صورة غير مؤرخة تجمع الأسيرين مروان البرغوثي، القيادي في حركة فتح، وأحمد سعدات، أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خلال اعتقالهما في سجن هداريم، حيث تم اعتقال البرغوثي بتاريخ 15 نيسان 2002 وحكم عليه بالسجن 5 مؤبدات و40 عاما، فيما اعتقل سعدات في 14 آذار 2006 وحكم عليه بالسجن لمدة 30 عاماً

الأسيران نصر جرار وعمر البرغوثي برفقة زملائهم في سجن مجدو
مجموعة عمر ونائل البرغوثي

توثق هذه المادة الأرشيفية صورة غير مؤرخة، يرجح أنها تعود إلى الفترة بين عامي 1994 و1998 وقد تم قص زاويتها اليمنى من الأعلى، تجمع كلا من نصر جرار، الذي استشهد لاحقاً بتاريخ 14 آب 2002، على يمين الصورة، وفي الوسط عمر البرغوثي، الذي توفي بتاريخ 25 آذار 2021 متأثراً بإصابته بفايروس كورونا، يجلسان على الأرض لتناول الطعام مع زملاء لهم في سجن مجدو

إكليل ورد مرفوع في تشييع الشهيد عمر القاسم باسم أسرى سجن عسقلان، 1989
مجموعة عمر القاسم

إكليل ورد مرفوع في تشييع الشهيد عمر القاسم، الذي استشهد في 4 حزيران 1989، باسم “أسرى الثورة الفلسطينية في “سجن عسقلان

الإضاءة الشهرية

مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي مجموعة الشاعر عبدالرحيم محمود 1913-1948

يعكف مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي، منذ إطلاقه في مطلع العام 2018، على استكشاف الأرشيفات الشخصية والعائلية والمؤسسية، ويعمل على لملمة شتات الأرشيف الفلسطيني المشظى في فلسطين والأردن ولبنان. وتتعدد المواد الأرشيفية التي يتعامل معها المشروع وتتنوع لتشمل الصور والوثائق والتسجيلات السمعية والمرئية التي تغطي أكبر قدر ممكن من التجارب الذاتية وأنماط السلوك والممارسة الاجتماعية، على امتداد القرنين الماضيين، والتي تساهم في ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة

تضيء هذه المدونة بشكل خاص على مجموعة الشاعر عبد الرحيم محمود، التي نجح فريق مشروع الأرشيف الرقمي في الوصول إليها وإحضارها –لتنضم إلى العديد من المجموعات الأرشيفية المنوعة التي تخص شعراء وأدباء وفنانين فلسطينيين مخضرمين. ويتم حاليا العمل على إتمام رقمنة ما تتضمنه المجموعة من مواد وأرشفتها وترجمتها، ليصار في مرحلة لاحقة إلى عرضها وإتاحتها لجمهور الباحثين والمهتمين على الموقع الإلكتروني لمشروع الأرشيف الرقمي، لتتكامل مع المادة المنشورة على موقع “رحلات فلسطينية” -وهو مشروع مشترك بين المتحف الفلسطيني ومؤسسة الدراسات الفلسطينية

 ولد عبد الرحيم محمود في قرية عنبتا قضاء طولكرم سنة 1913 ودرس في مدرستها الابتدائية ثم التحق بالمدرسة الفاضلية في طولكرم قبل أن ينتقل إلى مدرسة النجاح الوطنية في نابلس حيث أنهى تحصيله الثانوي والتقى بالشاعر إبراهيم طوقان، ثم عمل في نفس المدرسة مدرسا للأدب العربي. استقال من وظيفته سنة 1936 والتحق بصفوف الثوار، ذلك قبل أن يهاجر الى العراق حيث تخرج في الكلية الحربية العراقية ضابطًا برتبة ملازم، ثم عاد إلى عنبتا واستأنف العمل في مدرسة النجاح

سنة 1947 انضوى عبد الرحيم محمود تحت لواء جيش الإنقاذ، وشارك في العديد من المعارك قبل أن يقضي شهيداً في معركة الشجرة في 13 تموز 1948، ودفن في مدينة الناصرة. يعتبر محمود أحد أركان الأدب الفلسطيني المقاوم، وقد خلف إرثا زخماً من القصائد الوطنية واشتهر بقصيدته ” الشهيد” التي يقول في مطلعها “سأحمل روحي على راحتي وألقي “بها في مهاوي الردى

صورة شخصية لعبد الرحيم محمود، 1943
صورة شخصية تم التقاطها لعبد الرحيم محمود عام 1943 بواسطة استوديو الرشيد في مدينة طولكرم، يظهر فيها مرتديًا طربوشًا وسترة رسمية وربطة عنق

عبد الرحيم محمود وزملائه لاعبي فريق كرة القدم في نادي عنبتا الرياضي، 1928
صورة تم التقاطها عام 1928 بواسطة استوديو القاهرة في نابلس، لعبد الرحيم محمود وزملائه لاعبي فريق كرة القدم في نادي عنبتا الرياضي وقمصانهم تمثل ألوان العلم الفلسطيني ويظهر عبد الرحيم (الثاني من اليمين في الصف الأول) مستلقيًا ومتكئًا على الأرض بذراعه والكرة بجانبه

عبد الرحيم محمود برفقة أستاذه وزملائه في مدرسة النجاح الوطنية، نابلس، 1931
صورة التقطت عام 1931 لعبد الرحيم محمود برفقة أستاذه وزملائه المهتمين بالشعر في نادي اللغة العربية في مدرسة النجاح الوطنية. وتُظهر الصورة في الصف الأول، جلوساً من اليمين، كلًا من الطيب بنونة من المغرب، حيث كان الطلبة يأتون من المغرب للدراسة في مدرسة النجاح، وبجانبه عبد الرحيم محمود، ويليه علي نويهض الحوت، أستاذ اللغة العربية للصفوف العليا الذي جاء بعد استقالة إبراهيم طوقان، وقد ارتدى طربوشًا وجلس على كرسي مختلف عن الطلبة، وبجانبه داود أبو غزالة، وبرهان الدين العبوشي من جنين. أما الصف الثاني فيظهر فيه، وقوفًا من اليمين، واصف الصليبي، وشخص لم يعرف اسمه، يليه روحي الأحمد، وشخص آخر لم يعرف اسمه، ثم محمد سعيد السنتريسي، وكل من محمد الفاسي وحمد بن جلون من المغرب، وشاهر الضامن من نابلس.

عبد الرحيم محمود برفقة أستاذه وزملائه في مدرسة النجاح الوطنية، نابلس، 1931
صورة التقطت عام 1931 لعبد الرحيم محمود برفقة أستاذه وزملائه الطلبة في مدرسة النجاح الوطنية بنابلس، وقد تم إهداء الصورة كتذكار مقدم لعائلة عبد الرحيم من أسرة جامعة النجاح الوطنية، وتم تذييلها بتوقيع د. صائب عريقات الذي شغل منصب مدير دائرة العلاقات العامة في الجامعة بين عامي 1982 و1986. وتظهر الصورة في الصف الأول، بالترتيب من جهة اليمين، موسى الخماش، ويقف بجانبه جودت تفاحة، ثم أستاذ الحساب والفيزياء قدري طوقان جالسًا، ويليه وقوفًا أمام الطاولات كل من ثابت الدباغ، ونصوح حيدر، وجواد أبو رباح. أما الصف الثاني، فيظهر فيه وقوفًا خلف الطاولات من جهة اليمين الشاعر عبد الرحيم محمود، ومحمد الأدهم، وحسين خوري، وعادل أباظة، وتاج الدين عرفات، وسميح النابلسي، وأسعد هاشم، وصبحي العزوني، وبرهان الدين العبوشي، وشخص لم يعرف اسمه، ومحمد سعيد السنتريسي، وصادق بشناق، وشخص من عائلة البديري، وداوود أبو غزالة.

رسالة من عبد الرحمم حنون إلى عبد الرحيم محمود، 11 آذار 1933
توثق هذه المادة الأرشيفية المكتوبة بخط اليد، رسالة من عبد الرحيم حنون إلى عبد الرحيم محمود بتاريخ 11 آذار 1933، يشير فيها إلى شدة سروره بتلقي رسالة سابقة من عبد الرحيم محمود، كما أشاد بحلاوة التعبير وحسن الانسجام وجميل المعنى الوارد في رسالة محمود. تضمنت رسالة حنون دعاءً لعبد الرحيم محمود أن يوفقه الله ويحفظه ويقيه شر الحاسدين، كما حملت الرسالة أخبارًا عائلية مقتضبة من عنبتا وطولكرم، نظرًا لاستعجال كاتبها الذي أشار إلى أنه سيكتب لمحمود رسالة أخرى أكثر تفصيلا.

“الشهيد”، قصيدة منشورة لعبد الرحيم محمود في مجلة الأمالي، 1939
توثق هذه المادة الأرشيفية قصيدة منشورة لعبد الرحيم محمود بعنوان “الشهيد” والتي يقول في مطلعها “سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى”. نشرت القصيدة في صفحة ضمن زاوية “عكاظ” في العدد 21 من السنة الأولى لمجلة الأمالي، وهي مجلة أسبوعية تبحث في الثقافة، وقد صدر هذا العدد في بيروت يوم الجمعة 20 كانون الثاني 1939 الموافق 29 ذي القعدة 1357 وبلغ ثمنه خمسة قروش سورية، كما ضمت الصفحة قصيدة بعنوان “قلبي” لعبد القادر حسن من مراكش

عبد الرحيم محمود مع طلابه وزملائه في مدرسة النجاح الوطنية، نابلس، 1942-43
صورة تذكارية التقطت في مدرسة جامعة النجاح الوطنية بنابلس خلال العام الدراسي 1942 – 1943، وتضم عددا من الطلبة والمدرسين الذين كان بينهم عبد الرحيم محمود الذي عمل معلمًا فيها. وقد جلس المدرسون في الصف الذي يلي مجموعة الطلبة الجالسين على الأرض، فيما وقف اثنان منهم علي يمين ويسار الطلبة، خلف المدرسين مباشرة. والأساتذة الجلوس هم، بالترتيب من جهة اليمين، علاء الدين النمري، وعبد الودود رمضان، ومحمد علي الخياط، وعادل تفاحة، والشيخ زكي أبو الهدى، ومدير المدرسة أديب مهيار جالسا على كرسي مختلف، ويليه أسعد شرف، وخليل الخماش، وعبد الرحيم محمود، ومحمد بشناق، وقدري طوقان، أما المدرس الذي يقف إلى جانب الطلبة مرتديًا الطربوش في أقصى يمين الصورة فهو محمد رشدي الخياط، في حين يقف محمد سعيد السنتريسي مرتديا سترة رسمية وربطة عنق وطربوشًا في أقصى يسار الصف، وبقية من يظهر في الصورة هم من طلاب المدرسة

دعوة لحضور “مهرجان فلسطين الشعري”، 14 تشرين الثاني 1946
توثق هذه المادة الأرشيفية دعوة صادرة عن اللجنة العلمية الدجانية لحضور “مهرجان فلسطين الشعري”، تحت رعاية عميد المجلس العائلي الدجاني القاضي عزيز بك الداودي، وذلك في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الخميس 14 تشرين الثاني 1946 الموافق 19 ذي القعدة 1365 هجرية في مقر جمعية الشبان المسيحية في القدس. أشارت الدعوة إلى المهرجان بوصفه أكبر مهرجان شعري أقيم في فلسطين، حيث ضم ثلة من الأساتذة، الذين وردت أسماؤهم مطبوعة أو مكتوبة بخط اليد، وهم سعيد العيسى، وكمال ناصر، ومنح خوري، ومحمد حسن علاء الدين من القدس، ومحمد العدناني واحمد يوسف من يافا، وحسن البحيري من حيفا، وسيف الدين زيد الكيلاني وعبد الرحيم محمود ووهيب البيطار وعبد القادر الصالح من نابلس

جانب من مهرجان فلسطين الشعري، القدس، 14 تشرين الثاني 1946
صورة تظهر جانبًا من “مهرجان فلسطين الشعري” الذي أقامته اللجنة العلمية الدجانية في قاعة جمعية الشبان المسيحية في مدينة القدس بتاريخ 14 تشرين الثاني 1946، حيث شارك فيه عدد من شعراء فلسطين، ونقلته إذاعتي القدس والشرق الأدنى على الهواء مباشرة. ويظهر في الصورة جلوسًا من اليمين وبالترتيب كل من أمين حافظ الدجاني، أمين سر اللجنة الثقافية للنادي الدجاني، وبجانبه كل من حسن البحيري، وعبد الرحيم محمود، ووهيب البيطار، وعبد القادر الصالح، وأحمد يوسف، ومصطفى الدباغ، ومحمد العدناني، وسعيد العيسى، وسيف الدين زيد الكيلاني، ومنح خوري، ومحمد حسن علاء الدين، وكمال ناصر، وأخيرًا موسى الدجاني الذي كان عريفا لذلك للحفل، فيما يعتلي عزيز الداوودي المنصة ويلقي كلمة باسم المجلس العائلي الدجاني، ويظهر في خلفية الصورة علم الاستقلال السوري، وإلى يساره أعلام كل من لبنان، والمملكة العراقية، والمملكة المصرية، والمملكة العربية السعودية، والمملكة العربية السورية

كتاب بقرار بلدية نابلس إطلاق اسم عبد الرحيم محمود على أحد شوارع المدينة، 12 آب 1976
كتاب مرسل بتاريخ 12 آب 1976 من بسام الشكعة، رئيس بلدية نابلس، إلى مهندس البلدية يطلب منه القيام بإجراء اللازم فيما يتعلق بتنفيذ قرار المجلس البلدي رقم 6، الصادر في الجلسة المنعقدة بتاريخ 10 آب 1976، والمتضمن إطلاق اسم الشهيد عبد الرحيم محمود على الشارع المتفرع من شارع رفيديا الرئيسي حتى طلعة دار حمزة طوقان في مدينة نابلس

الإضاءة الشهرية

مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي مجموعة حنا نقارة

يعكف مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي، منذ إطلاقه في مطلع العام 2018، على استكشاف الأرشيفات الشخصية والعائلية ويعمل على لملمة شتات الأرشيف الفلسطيني المتشظي في فلسطين والأردن ولبنان. وتتعدد المواد الأرشيفية التي يتعامل معها المشروع وتتنوع لتشمل الصور والوثائق والتسجيلات السمعية والمرئية التي تغطي أكبر قدر ممكن من التجارب الذاتية وأنماط السلوك والممارسة الاجتماعية، على امتداد القرنين الماضيين، وتساهم في ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة

تضيء هذه المدونة بشكل خاص على مجموعة حنا نقارة، المعروف بمحامي الأرض والشعب، التي نجح فريق مشروع الأرشيف الرقمي في الوصول إليها وإحضارها -إلى جانب العديد من المجموعات من داخل المناطق المحتلة عام 1948. ويتم حاليا العمل على إتمام رقمنة ما تتضمنه المجموعة من مواد وأرشفتها وترجمتها، ليصار في مرحلة لاحقة إلى عرضها وإتاحتها لجمهور الباحثين والمهتمين على الموقع الإلكتروني لمشروع الأرشيف الرقمي

ولد حنا نقارة سنة 1912في قرية الرامة، شمال مدينة عكا، وانتقل مع عائلته للعيش في حيفا عام 1919، قبل أن تتنقل العائلة للعيش في لبنان إثر نكبة سنة 1948. تضم المجموعة العديد من الصور والوثائق التي تؤرخ لحياة حنا نقارة وتسلط الضوء على مسيرته المهنية والسياسية وعمله محامياً وسياسياً في الحزب الشيوعي

يعتبر نقارة أحد مؤسسي الحزب الشيوعي، وهو كذلك أحد مؤسسي لجنة الدفاع عن الأراضي العربية. دافع منذ عام 1948 عن حقوق الفلسطينيين الذين تعرضوا للطرد والتشريد، وعن حقوق أبناء الجليل في القضايا التي رفعوها ضد الحكم العسكري الإسرائيلي. التقى مع عدد من القيادات الفلسطينية، كرشيد الحاج إبراهيم وأحمد الخليل، من كبار قضاة حيفا، وأحمد الشقيري والشاعر عبد الكريم الكرمي (أبي سلمى) وإميل حبيبي، وناقشوا المشاكل التي تواجه آلاف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

حنا نقارة في موسكو، ستينيات القرن العشرين

صورة لحنا نقارة، في ستينيات القرن العشرين، أثناء رحلته إلى موسكو مع الحزب الشيوعي، يظهر فيها مرتديا القبعة الروسية (الكلبك)

بطاقة تعريفية للمحامي حنا نقارة

بطاقة تعريفية للمحامي حنا نقارة طبعت باللغة العربية في أواخر خمسينيات القرن العشرين تحتوي على رقمه الخاص وعنوان بيته وعنوان مكتب المحاماة الخاص به في حيفا

1957، حنا نقارة، موسكو

صورة لحنا نقارة، عام 1957، أثناء رحلته إلى موسكو برفقة عدد من رفقاء الحزب الشيوعي، التقطت الصورة في ساحة الكرملين في موسكو

حنا نقارة وسلمى بهو فنشنتي في قبرص،1961

صورة التقطت في قبرص عام 1961، تجمع حنا نقارة وأخت زوجته سلمى بهو فنشنتي في أول لقاء لهما بعد افتراق العائلة إثر النكبة، حيث استقر بعض من أفراد العائلة في لبنان والبعض الآخر تمكن من العودة إلى حيفا

حنا نقارة وأبنائه نائلة وطوني، طبريا، 1964

صورة التقطت أثناء رحلة عائلية إلى طبريا عام 1964، لحنا نقارة وأولاده نائلة وطوني نقارة

عائلة حنا نقارة وعائلة إيميل حبيبي، ستينيات القرن العشرين

صورة جماعية أثناء حضور حفل عشاء، يظهر فيها حنا نقارة برفقة زوجته اليس والشاعر إيميل حبيبي وزوجته ندى، وآخرون في مدينة الناصرة، في ستينيات القرن العشرين 

حنا نقارة، في نقوسيا، 1970

صورة لحنا نقارة، أثناء رحلة عائلية إلى نقوسيا، قبرص، عام 1970

برنامج الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الإنتخابي،1977

البرنامج الإنتخابي للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، (الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وحركة الفهود السود، وأوساط إ جتماعية عربية ويهودية)، نشرت في شهر أيار، عام 1977، تبدأ جولة الدعاية الإنتخابية من تاريخ 10-15 أيار، 1977، في العديد من المناطق، منها اللد ويافا والناصرة، والرملة وجت والبعنة وغيرها من المناطق العربية. وجد البرنامج ضمن مجموعة حنا نقارة

The Migratory Cactus

Today we mark the sixty-ninth anniversary of the Palestinian Nakba through the life of an aloe vera plant currently bursting with verdant vitality at Salma Al-Khalidi’s home. Through this plant’s travels out of Palestine and back to it, we retrace the journey of a family displaced by the Nakba, and join them as they embark on their return. This cactus plant not only represents one chapter of a personal history, says Salma, but also narrates the history of an entire generation.

The Palestinian Museum was not the only entity to be granted the opportunity to delve into a story that began at the clinic of a literature and plant loving physician in Jaffa. The threads of the story split and spread out, eventually coming together again in a clay pot on one of the verandas of the family house in Ramallah. Just as Salma shares the story of the cactus plant with every guest visiting her house, she also happily gives whoever of her guests desires it a seedling from it, affirming that that is the very essence of this plant. As the plant propagates and spreads, Salma hopes that the spiritual elements of the story the plant narrates will similarly multiply and propagate its significance. Today we dig into the soil of the cactus plant once again and invite you to enter into the narrative and share the dream.

Salma Khaldi- image

When the [Haganah] gangs intensified their violence and the war became oppressive, Salma’s grandfather had to leave his Jaffa clinic towards the end of 1948. He was keen not to part from his memories and chose to take with him his dearest possessions. He told his wife, who was frantically packing their belongings, to include seedlings of the house and clinic plants. Thus the aloe vera plant reached Nablus. Several years later nostalgia transported it once again, this time with Salma’s uncle, whose desire for a spiritual extension that would intensify the meaning of his existence impelled him to carry a seedling of the plant with him to his new home in Amman. Her father, with his passion for plants, continued this natural legacy and carried a seedling of the plant with him to Kuwait. Years elapsed between one travel destination and the next, with the cactus growing in exile until it was repatriated to Palestine.

In 1990, Salma’s uncle on her mother’s side took 36 cactus plants with him on a journey from Kuwait to Amman, but all the plants perished from heat with the exception of this aloe vera. After five years of residency in Amman, Salma decided to return to Ramallah. She could think of nothing better than this cactus plant to symbolize the strong ties that bound the family together, and to guard its members against the feeling of alienation during their displacement. Thus, she carried the plant with her as she moved back to Palestine.

In the sun, the red strands that adorn its leaves make the cactus glow like a flame, says Salma as she describes the beauty of her aloe vera. She hopes that the plant’s return to Ramallah will be the first step on the road to returning to Jaffa, a return bound with the return of all Palestinians to their homeland.

As the displaced move to their exiles, so this plant moved, and as they return home, so it returned.

Text: Malak Afouneh
Translation: Rania Filfil
Editing: Alexander Baramki
Interview by: Loor Awwad
Photographs: Ihab Jad

الصّبرة المهاجرة

 اليوم نُحصي عام النّكبة التّاسع والسّتين من خلال عمر نبتة الألوفيرا الّتي “تتفجّر” الآن حيويّةً وخضارًا في بيت سلمى الخالدي. ومن خلال سفرها من فلسطين وإليها، نتتبّع رحلة عائلة هُجّرت مع النّكبة، وبدأت مسيرتها نحو العودة. لا تكتفي نبتةُ الصبّار هذه بتمثيل مجرّد جزءٍ من تاريخٍ شخصيّ لفرد، تقول سلمى، ولكنّها تعبّر عن تاريخ جيلٍ بأكمله.

لم يكن المتحف الفلسطينيّ وحده من حظي بفرصة التّغلغل في متن الحكاية الّتي بدأت من عيادة طبيبٍ شغوفٍ بالأدب والنّباتات في حيفا، وتفرّقت وتشعّبت لتلقي خيوطها في إصّيصٍ فخّاريّ على إحدى شرفاتِ منزل العائلة في رام الله. فكما تشارك سلمى قصّةَ نبتة الصبّار كلَّ من يزور منزلها، ترحّب أيضًا بمشاركة النّبة ذاتها مع كلّ من يرغب، وتقول أنّ هذا هو جوهرها. ومع انتشار فسائل النّبتة، تأمل سلمى أن تتكاثرَ أرواحُ القصّة الّتي تنقُلها، والمعاني الّتي تحملُها. واليوم ننبشُ تربة الصّبارة مرّة أخرى وندعوكم للدّخول إلى السّرد، والمشاركة في الحلم.

Salma Khaldi- image

حين اشتدّت أزمة العصابات وضيّقت الحرب خناقها، اضطرّ جدّ سلمى لمغادرة عيادته في يافا أواخر عام 1948، كان الجدّ آنذاك حريصًا على ألّا يفارق ذكرياته، فاختار أن يحمل معه تفاصيله الحميمة، وأوصى زوجته المنهمكة في توضيب متاع الرّحيل أن تأخذ معها أشتالًا من نباتات المنزل والعيادة، وهكذا وصلت الألوفيرا إلى نابلس، لينقلها الحنينُ مرّة أخرى، بعد أعوام عديدة، برفقة عمّها الّذي دفعته رغبته بإقامة امتداد روحيّ يكثّف معنى وجوده لاصطحابِ شتلة منها إلى محطّة إقامته الجديدة في عمّان. والدها الشّغوف بالنباتات أيضًا استكمل هذا الإرث العفويّ واقتطع جزءًا من النّبتة في طريقه إلى الكويت. سنواتٌ تفصلٍ بين كلٍّ محطّةِ سفرٍ وأخرى، وها هي الصّبارّة الّتي كبرت في المنفى تعود إلى فلسطين مرّة أخرى.

عام 1990، حمل خال سلمى 36 نبتةَ صبّارٍ من الكويت إلى عمّان، لتهلك جميعًا في حرّ الطريق إلّا هذه الألوفيرا. بعد خمسة أعوام من إقامتها في عمّان، وحين قرَّرَت سلمى العودة إلى رام الله، لم تجد ما هو أفضل من نبتة الصبّار هذه لتعبّر عن ارتباط أفراد العائلة، ولتحمي أبناءَها من الشّعور بالغربة عند الانتقال، فكانت من بين الأغراض الّتي نقلتها معها إلى فلسطين.

في الشّمس تبدو الصّبّارة بالخصل الحمراء الّتي توشّح أوراقها كما لو أنّها شعلة من النّار، تقول سلمى وهي تصف جمال الألوفيرا، آملةً أن يكون وجودها في رام الله خطوةً في سبيل عودتها إلى يافا، عودةً مرهونةً برجوع الفلسطينيّين إلى بلادهم.  

وكما يسير المهجّرون إلى منافيهم سارت هذه النّبتة، وكما يعودون إلى أوطانهم عادت.

نص: ملك عفونة
أجرى المقابلة: لور عواد
تصوير: إيهاب جاد