رؤية وتوقعات طاقم المتحف
في الاجتماع الأسبوعي للمتحف الفلسطيني، تحدث أفراد الطاقم بحماسة وشغف عن رؤيتهم وتوقعاتهم من متحف يتم العمل بجد على تأسيسه .تحدثوا عن فهمهم لدور المتحف وطبيعة عمله والدور الذي يريد كل منهم للمتحف أن يلعبه. وبما أن المتحف الفلسطيني هو صوت لكل الفلسطينيين، ارتأينا أن ننقل لكم ما دار في الاجتماع، آملين أن نعكس ما يدور خلف الكواليس وفي أذهان العاملين المسؤولين عن تحويل حلم المتحف الفلسطيني إلى حقيقة.
الجلسة :الأحد ٢٠١٣/٦/٣٠
ديانا :الجمهور أهم من المقتنيات

الجمهور هو أهم شيء في المتحف وليس المقتنيات، والمتحف ملزم بتقديم خدمة عامة للجمهور وهذا واجبه. وفي كل ما نقوم به يجب أن نأخذ الجمهور في الحسبان، وهذا يعني أن نكون على اتصال مستمر ومباشر معه وأن نعرف ماذا يريد وأن تكون هناك نقطة التقاء ما بيننا. وأتمنى كذلك أن يكون المتحف مكاناً للإبداع وأن نجد حلولاً مبدعة لأية مشاكل ممكن أن تصادفنا، وأن نعمل على رفع مستوى توقعات الناس. نحن نعيش في بلد تكثر فيها المشاكل وخاصة أننا تحت احتلال، ولكن يمكننا أن نحول السلبي إلى إيجابي رغم محدودية مواردنا وظروفنا السلبية.
يجب أن يكون مناخ المتحف مختلفاً وجديداً ومحفزاً على التفكير، ويجب أن نشجع الناس على التفكير وإبداء الآراء والتفاعل مع المعارض والأفكار والمواضيع التي نطرحها. وعلى المتحف أن يعمل على تحسين إنتاج المعرفة في البلد وأن يرفع المعايير .فالمتحف ليس مكاناً للثقافة فقط، وإنما فضاء بديل للتعليم، وأتمنى أن يكون مكاناً يتوجه إليه الناس طلباً لتعلم أشياء جديدة، وأن يحبب الناس بالتاريخ والحضارة والثقافة الفلسطينية، وأن يكون مكملاً للمدرسة.
رنا :نموذج يحتذى به في فلسطين
المتحف هو مشروع للاحتفال بالثقافة والتاريخ الفلسطيني وتوثيقه بشكل غير تقليدي، فالمتحف الفلسطيني سيكون ريادياً في أكثر من ناحية، ونطمح لأن يكون نموذجاً يحتذى به في فلسطين .فهو أكثر من مجرد قاعات تحتوي على مقتنيات في علب زجاجية يستعرضها الناس ويغادرون .ولا تقتصر زيارة المتحف على معرفة تاريخ القطعة الذي يتكون من أربعة أو خمسة أسطر مثلاً، وإنما يجب أن تكون المعرفة أعمق وأشمل من ذلك وأن تترك أثراً لدى الناس ليتذكروها .من جهة أخرى مبنى المتحف البيئي هو أول مبنى في فلسطين يلتزم بمعايير مجلس الأبنية الخضراء العالمي، وسيلعب المتحف دوراً ريادياً آخر يتمثل في نشر المعرفة عن فلسطين والفلسطينيين في العالم، فقلة من المؤسسات تلعب هذا الدور في العالم، وأرى أن المتحف منبر لنشرها والاحتفال بالثقافة الفلسطينية كجزء هام من الثقافة الإنسانية.
عبور :تحفة معمارية تجعلني فخورة
المتحف هو تحفة فنية معمارية، وأنا بشكل خاص أحب الفن المعماري وأحب أن أرى مبانٍ جميلة في البلد .وبالنسبة لي أن يكون في فلسطين أخيراً أيقونة معمارية جميلة لهذه الدرجة هو أمر يجعلني فخورة جداً، وأحب أن يكون هذا المكان عنواناً لكل فلسطيني وأي شخص يزور فلسطين .وهذا المكان الجميل معمارياً هو أيضاً مساحة كبيرة جداً للإبداع الخاص بي، فأنا أحب أن أكون في مكان مبدع ومحفز على الإبداع وأن أتمكن من خلق أفكار جميلة وأن أراها تطبق .وأرى المتحف كنافذة للتواصل مع فلسطينيي الشتات، وستمكنني من أن أرى كيف تشكلت هوية الفلسطينيين وما هو الرابط الذي يجعلهم يقولون: نحن فلسطينيون. وهذه النافذة ستكون المتحف بفروعه التي سنبنيها في كل العالم في المستقبل.
عبير: التركيز على الأجيال الصغيرة
في البداية كانت فكرتي عن المتحف مثل أي فلسطيني: المتحف يعني تحفاً وتراث. أما الآن فقد تغيرت فكرتي كلياً، وأنا أتعلم شيئاً جديداً كل يوم .إن فكرة تفاعل الناس مع المتحف تجذبني، كما تجذبني فكرة التركيز على الأجيال الصغيرة لأنها هي من سيبدأ بالتغيير. عندما نبدأ مع الأطفال ونستهدف المدارس فسيكون للمتحف صدى كبير في المجتمع. من المهم أن نعلم الأطفال وطلاب المدارس عن آخر ١٥٠-٢٠٠ سنة من حياتنا كشعب فلسطيني. أنا شخصياً لم أذهب إلى أماكن كثيرة حول العالم ولم ألتق بفلسطينيين من المهجر، أهلي يعيشون في أميركا ويقولون بأنهم فلسطينيون ولكن لا أشعر أن هناك ترابط مع فلسطين. أنا أحب أن أرى من خلال المتحف كيف يفكر الفلسطينيون في المهجر وفي الشتات، وكيف يحمل الفلسطينيون حول العالم ذكرى فلسطين، وكفلسطينية هذه المعرفة ستعطيني دفعة إلى الأمام.
جاك: تواصل المتحف مع شعوب أخرى في جوهر تكوينه
أكثر ما يستحوذ على مخيلتي هو أن المتحف أممي، أي عابر للحدود، وأنه سيتواصل مع شعوب وأمم أخرى وستكون جزءاً من تكوينه .فالفلسطينيون شعب منتشر في كافة أرجاء العالم إثر سياسات الاحتلال والتهجير، وتأثروا خلال الفترة الماضية بثقافات وحضارات متنوعة. أحد التحديات أمامنا هي أن نعكس هذه الحالة بما يختلف عن الخطاب السياسي المألوف والسائد الذي يحجم الهوية الفلسطينية ويحصرها ضمن النطاق الضيق للحدود السياسية.
مفهومنا للمتحف هو مفهوم مغاير، ونحاول من خلاله كسر بعض المفاهيم السائدة والتقليدية. طبعاً من السهل والبسيط أن ننجرف وراء المألوف وأن يصبح المتحف مخزناً لهذه القطع والمعروضات، ولكن ما نطرحه يمثل المفهوم الحداثي للمتحف كمكان للتثقيف والتعليم واكتساب خبرات جديدة، والتواصل الثقافي والتاريخي مع حضور قوي للعنصر التفاعلي مع الزوار والتشبيك مع الفلسطينيين المقيمين في مناطق مختلفة في العالم.
لينا :من أهم الأماكن السياحية في فلسطين
أريد أن يكون المتحف الفلسطيني من أهم الأماكن السياحية في فلسطين وأن يستقطب السياح والزوار من كل مكان في العالم. أتخيل مبنى المتحف وحدائقه جميلة وستعجب الناس، ولكن حتى يعود الناس لزيارة المتحف من جديد يجب أن يكون هناك محتوى ذو قيمة داخل مبنى المتحف .وعلى المتحف أن يسوق نفسه عبر عدد من المواقع الإلكترونية، بحيث يعرف السياح لدى بحثهم على الإنترنت أن أحد المعالم المهمة التي يجب زيارتها في فلسطين هي المتحف .يجب أن يتوفر في المتحف مكان لبيع الهدايا ليشتري الزوار تذكارات يعودون بها إلى بلادهم، وفي عطلة نهاية الأسبوع أحب أن يصبح المتحف مكاناً تتوجه إليه العائلات. أما طلبة المدارس والجامعات فيجب أن يأتوا إلى المتحف بشكل مستمر للتدريب وللبحث والمطالعة .أرى في المتحف أرشيفاً ضخماً للصور ومتاحاً كذلك لأي شخص يرغب في الحصول على معلومات حتى عبر الإنترنت.
نسرين: برنامج تعليمي غير روتيني أو ممل
نحن نعمل بشكل متواز على تأسيس المتحف وتحضير البرامج، حتى نكون جاهزين عندما يفتح المتحف أبوابه لنتواصل مع الناس فوراً .أتوقع أن نتمكن من عرض المقتنيات بطريقة جميلة كما هو الأمر في متاحف أوروبا مثل متحف الشمع .وأنا مع أن يكون هناك برنامج تعليمي في المتحف، ولكن أتمنى ألّا تكون وسائل التعليم المتاحة روتينية ومملة، وأن يتم مثلاً استخدام الصور والسينما والعروض ثلاثية الأبعاد والموسيقى، وألّا نركز على الجانب السيء أو التراجيدي، بل على الجانب الإيجابي وكيفية تمكن الفلسطينين من التغلب على المأساة وعكسها بطريقة مفرحة .فمثلاً المغني محمد عساف تحدى الواقع المرير بطريقة إيجابية، وبالفعل حصل على ضجة عالية وتأييد لأنه يتعاطى مع الجانب المفرح والإيجابي لدى الناس.
هلا :الدعم المادي يطلق الأفكار الحبيسة
لا أستطيع أن أرى المتحف إلا مكاناً حياً وكثير الحركة ومليئاً بالناس .أحب كون المتحف يتحدث عن المستقبل وليس الماضي فحسب، وأشعر أنه مكان مفتوح لأية فكرة تقليدية جداً أو مبدعة. وعلى الرغم من كوننا طاقم صغير جداً الآن، إلا أن كلاً منا لديه خبرات في مجال معين، ومن تجربتي الشخصية أشعر بأن الفلسطينيين في الخارج يبحثون عن مؤسسة تمثلهم، ليس للحصول على الدعم وإنما لاحتواء أفكارهم، وأشعر بأن المتحف الفلسطيني هو العنوان الصحيح. وأنا سعيدة بأن هناك أشخاص أخذوا على عاتقهم تمويل المتحف ليتحول إلى حقيقة، وهذا أمر أساسي لإطلاق الأفكار الحبيسة. ما زال لدينا عطش للكثير من الأشياء، لكن الأمر فعلاً يستحق أن نثبت أقدامنا في الأرض، على أمل أن نتمكن من فعل شيء للبلد.
يارا :المناخ التجريبي من نقاط القوة
أشعر أن هناك مناخاً تجريبياً يسيطر على آلية العمل، وأرى أن ذلك من نقاط القوة. خلال عملنا، هناك الكثير من الأمور التي لا نكون متأكدين من مدى فاعليتها ولكننا نجربها. نحن جميعاً من خلفيات مختلفة، وليست لدينا أفكار مسبقة عما يجب أن تكون عليه المتاحف أو عن بنيتها، مما يسمح لنا بإعادة التفكير في الكثير من المفاهيم لنخرج في النهاية بنتائج مناسبة أكثر للسياق المحلي. وهذا أفضل بكثير من أن نحاول تطويع السياق المحلي على أساس قالب معين .والمناخ التجريبي الموجود هنا هو من الأمور التي أراها مميزة على الرغم من أنها قد لا تكون إدارياً بهذه الرومانسية.
بالعادة الفعاليات الثقافية في رام الله تتميز بمناخ نخبوي، ليس من ناحية اجتماعية، وإنما من ناحية الخلفيات الثقافية، فهناك أشخاص معينون يحضرون الفعاليات وتتكرر وجوههم في كل فعالية، وآمل أن يكون تنوع هناك في الجمهور في متحفنا، خصوصاً وأننا نتحدث عن معروضات متنوعة، سواء من ناحية تاريخ أو فن أو برنامج تعليمي .وأرى أن هناك مجال لكسر رهبة الكثيرين من رؤية معرض فني.
سليم :متحف للأفكار
المتحف الفلسطيني سيكون مختلفاً عن جميع المتاحف ولن يكون للآثار فقط، وإنما أيضاً للأفكار الفلسطينية .سيتناول المتحف النكبة الفلسطينية، وهذا أمر يعني لي الكثير، وأرى أنه مهم جداً وخاصة لأطفالنا وللأجيال القادمة التي لا تعرف النكبة والمأساة والتاريخ الفلسطيني. والمتحف سيكون مكاناً ليس للآثار والأشياء التي حفظناها وطبعت في أدمغتنا فقط، وإنما هو مكان للأفكار العظيمة .وأنا أشكر القائمين عليه.
يارا :ربط فلسطين في سياق عالمي
من المهم أن يربط المتحف فلسطين بسياق عالمي، وهو أمر ننساه غالباً. ففي الماضي كنا أقرب لشعوب العالم المضطهدة مثلنا، وكانت هذه الشعوب تتضامن معنا باستمرار. وأشعر بأن المتحف عليه أن يربط الفلسطينيين بهذه الشعوب، سواء كانت في المكسيك أو في الباسك أو في التبت.
المتحف يجب أن يكون مرجعاً للتوثيق لأي باحث ولكل من يريد أن يتعلم عن فلسطين .ومن المهم أن يخلق حواراً وأن يكون منبراً فلسطينياً حراً .وعدا عن كونه تفاعلياً يجب أن يكون مرئياً وسمعياً وبصرياً، وأن يحتوي على أرشيف للأفلام مثل أول فيلم تم تصويره في فلسطين، للإخوة لوميير في القدس.